حازم نصر يكتب .. طائرة المنصورة المحلقة في ذاكرتها

حازم نصر
حازم نصر

كتب - حازم نصر

ستظل ذكري نصر أكتوبر العظيم خالدة في وجدان أبناء هذا الوطن .. كما ستظل تلك الذكرى تجدد في نفوس الأجيال المتعاقبة معاني الفخر والاعتزاز بكل من ساهم في هذا النصر العظيم قادة وضباطا وجنودا ومعهم أبناء شعب عظيم .

الحديث عن تلك الملحمة الأسطورية وهذا النصر الأهم في تاريخ الوطن لن يتوقف .. فلكل بطل شارك في المعركة  قصة تضحية  تستحق أن تروى وأن تجد مكانها في سجل الفخار لقواتنا المسلحة التي حقق أبطالها تلك المعجزة التي أبهرت ـ ولاتزال ـ كل المعاهد والأكاديميات العسكرية في العالم .

فقط أريد أن أتوقف في لمحة عابرة  أمام لحظات خالدة ونادرة دارت أحداثها في سماء المنصورة خلال أيام النصر والفخار .

" معركة المنصورة الجوية "  والتي تحل ذكراها غدا الجمعة  في الرابع عشر من أكتوبر .

لن أنسى ـ وبالتأكيد لن ينسى أبناء المنصورة بل أبناء مصر ـ ذكرى تلك الملحمة الجوية التي حقق فيها  أبطال القوات الجوية المصرية أعظم انتصار في سماء الكرة الأرضية .. فلا تزال هي المعركة الجوية الأشهر والأهم  في تاريخ العالم الحديث والمعاصر والتي لا تزال محل تحليل عميق ودراسات مستفيضة في المعاهد العسكرية  .

كنت وقتها طالبا  في المرحلة الإعدادية بمدرسة ابن لقمان بالمنصورة وشاهدت مع أبناء مدينتنا الباسلة جانبا من الطائرات  التي شاركت فيها ..ولا أنسى اللحظات التي تكرر فيها الهتاف الخالد " الله أكبر " عندما كان يتنامى  لسمعنا تساقط  طائرات العدو الواحدة تلو الأخرى .

بعد ذلك بأعوام طويلة استضفت في سنوات متتابعة بعض أبطال المعركة في صالون المنصورة الثقافي الذين أفصحوا عن المزيد من أسرار المعركة الخالدة فازداد اعتزازي بمعايشتي لها في مطلع صباي.

ومنذ  أيام  غمرتني السعادة عندما علمت بما قام به  المحافظ الدكتور أيمن مختار بوضع إحدى الطائرات التي شاركت في المعركة في أكبر ميادين المحافظة وهو ميدان الشهداء وذلك على بعد خطوات من النصب التذكاري للشهداء المواجه لديوان عام المحافظة وكذا تمثال كوكب الشرق أم كلثوم والتي لا ينسى أحد دورها في المجهود الحربي لتكتمل منظومة فريدة لهذا الميدان الذي أتمني أن يتحول لمزار سياحي .

نعود للمعركة التي شارك فيها مائتي طائرة حربية بينها ثمانون مصرية مقابل مائة وعشرون إسرائيلية ..ورغم تفوق الطائرات الإسرائيلية بإمكانياتها وأعدادها إلا أن النصر كان حليف القوات المصرية التي كبدت العدو سبعة عشر طائرة مقابل خمس طائرات مصرية   فقط بعضها نفذ وقودها بعد أن استمرت المعركة قرابة الساعة .

وغدا سيزيح المحافظ أيمن مختار وعدد من القيادات العسكرية بجانب  قيادات المحافظة وأبنائها الستار عن تلك الطائرة في هذا الميدان الفسيح لتظل محلقة في ذاكرة أبناء المنصورة بل وفي ذاكرة أبناء الوطن ولتظل شاهدة على قوة وصلابة وإرادة قواتنا المسلحة وشعب مصر العظيم ..وليستلهم الجميع خاصة الأبناء والأحفاد تلك الذكرى والوطن يخوض معاركه التي لا تتوقف على كافة الأصعدة ليتمكن من تحقيق النصر فيها بإرادة وعزيمة وروح أكتوبر.

بالقطع يدرك الجميع تاريخ المنصورة العريق ..فالمدينة حملت اسمها ابتهاجا بانتصارها على الفرنجة حيث حمى أبناء المنصورة  مصر والمشرق العربي من غزواتهم للأبد  بعد أن انتصروا عليهم وكبدوهم خسائر فادحة وأسروا ملكهم لويس التاسع ..كما لم يتوقف دور أبنائهم البطولي يوما ما ..وها هي معركة المنصورة الجوية التي تتجدد معها ذكريات النصر العظيم .

كما كان لأبناء الدقهلية  اسهام حضاري فريد ..حيث أثروا الحياة السياسية والثقافية والفنية والاقتصادية لمصر والعالم العربي بل والعالم أجمع برموزها الأفذاذ  الذين يفوقون الحصر وامتد تأثيرهم  التنويري  ولا زال  يصب في شرايين الوطن فكرا وتنمية وعطاءا لا محدود .

وإذا كان الستار سيرفع عن الطائرة التي ستظل رمزا لانتصار جوي فريد وإذا كان الافتتاح التجريبي قد تم على بعد خطوات للنصب التذكاري للشهداء الذي صممه أساتذة كلية الهندسة بجامعة المنصورة ونفذته جامعة الدلتا للتكنولوجيا والعلوم كمساهمة من جانبها في هذا العمل الذي يجري وضع اللمسات النهائية له ليظل شاهدا على تضحية وفداء خير أجناد الأرض لتظل هامات الوطن مرفوعة بما بذلوه من أرواحهم ودمائهم الطاهرة  .

خالص التقدير للمحافظ الدكتور أيمن مختار وكل معاونيه الذين حرصوا على الاحتفاء بتلك الذكرى بما تستحقه من انجاز سيظل رمزا يجدد في نفوس الأجيال ذكرى الانتصار . 

وخالص التقدير لجامعتي المنصورة والدلتا على تلك المساهمة المعهودة من قياداتهما .

رحم الله الشهداء من أبطال معركة المنصورة الجوية وبارك في أبطالها الأحياء  الذين يعيشون بيننا وعلامات النصر والفخر لا تفارق جباههم .